الأربعاء، 17 أغسطس 2016

من خطيب جمعة إلى حارس أحذية نسأل الله السلامة والعافية

قال الله تعالى: ﴿‏‬وَمَنْ يُهِنِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ ۚ إِنَّ الله يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ﴾،
ذكر العلامةُ المحدثُ أحمد محمد شاكر رحمه الله: عن أحد خطباء مصر وهو محمد المهدي خطيب مسجد عزبان، وكان فصيحًا متكلمًا مقتدرًا، وأراد ذلك الخطيب أن يمدح أحد أمراء مصر، عندما أكرم ( طه حسين ) الأديب الأعمى بإرساله للدراسة في فرنسا..
فقال الخطيب في خطبته: 
(ما عبس وما تولى لما جاءه الأعمى)..
أي: أن الملك فؤادًا الأول أفضل من الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم عبس وتولى عندما جاءه الأعمى ( ابن أم مكتوم ) لكن هذا: ما عبس ولا تولى، بل بعثه إلى فرنسا، فأخذ الدكتوراة وأتى..
وكان الشيخ محمد شاكر، والد الشيخ أحمد شاكر حاضرًا لخطبة الجمعة، فلما سمع هذه الكلمة ما تحملها، فما كان منه إلا أن قام بعد صلاة الجمعة، وقال: "أيها الناس!،
أعيدوا الصلاة فإن صلاتكم باطلة!،
والخطيب كفر! بما شتم الرسول صلى الله عليه وسلم.."
أي: تعريضًا لا تصريحًا، وأمرهم أن يعيدوا الصلاة، فأعادوها ظُهرًا..
يقول العلامة أحمد شاكر: لكن الله لم يدع لهذا المجرم جرمه في الدنيا، قبل أن يجزيه جزاءه في الآخرة، فأُقسم بالله لقد رأيته بعيني رأسي بعد بضع سنين، وبعد أن كان عاليًا منتفخًا مستعزًا بمن لاذ بهم من العظماء والكبراء، رأيته ذليلاً خادمًا على باب مسجد من مساجد القاهرة يتلقى نعال المصلين، يحفظها في ذلة وصغار، حتى خجلت أن يراني، وأنا أعرفه وهو يعرفني، لا شفقة عليه فما كان موضعًا للشفقة، ولا شماتة فيه، فالرجل يسمو على الشماته ولكن لما رأيت من عبرة وعظة..
المصدر: [سرعة العقاب لمن خالف السنة والكتاب ص322]
قلت: تأمل أيها المسلم كيف ذل ذلك الخطيب بعد أن كان عزيزًا ‏﴿‏‬قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ  وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن  تَشَاءُ ۖ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
فاعلم أيها الداعية إلى الله أنه لا أحد ينفع مدحه ويضر قدحه إلا الله. وتذكر بأن ما كان لله يبقى، وما كان لغيره يفنى فاتق الله في دعوتك والتزم هدي نبيك، تكن من الراشدين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق