الاثنين، 9 مايو 2016

نعم..تمنع القراءة لمن هم دون السنة القانوني




من البديهي ألا يصغي العقلاء للدعوات الشاذة التي تنادي بالانفلات الفكري بحجة أن الفِكر لا يحده حد بشري،
ولا يمكن أن يستجيب أهل المروءة لمطالبهم بالسماح للنشأ باقتناء الكتب أو المقالات أو الروايات التي تخالف ديننا أو قيمنا أو أخلاقنا التي تربينا عليها بزعم أن ذلك من لوازم الثقافة!!
ومحاولة بعض الجرائد الإلكترونية تسخير أقلامها لإقناع الناس بأن الثقافة تستلزم ذلك، هي محاولة كاسدة، وهي محض الظن و{إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا}، ولا خير يُرجى من جريدة جمعت في طياتها كل متردية ونطيحة..!!
إيهام الناس بأن هذا هو كلام الأغلبية الساحقة من المثقفين بحاجة إلى دليل، ولو فرضنا أن ذلك فعلاً هو رأي أكثر المثقفين فلسنا مُلزمين شرعًا بالأخذ بقولهم أصلًا!!
لأن الله عز وجل يقول: {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِى ٱلأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ إن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَإنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ}
فلم تكن الكثرة بمفردها دليلا يومًا ما على الصحة كما لم تكن القلة دليلا عليها حتى يُسبر الأمر،
ويوزن بميزان الشرع،
فيظهر بذلك الحق من الباطل، فالجماعة ما وافق الحق ولو كنت وحدك كما قال ابن مسعود رضي الله عنه.
وقد يقول قائل هذه الكتب والروايات تنور العقول وتنميها وتوسع المدارك، على ما فيها من العبارات المحركة للغرائز!!،
فنقول: من الذي فوضك أن تحتكر الحديث باسم الثقافة وتنوير العقول؟!
وهل الإثراء محصور على هذا النوع من الطرح حتى نسوّغ للنشأ قراءتها؟!
إن كنت ترى أن النصوص التي (تهيج الجنس) هي عند من انتقد هذه الكتب فقط ولا ينطبق عليك وعلى من هم على شاكلتك، فعليك بعلاج قلبك، الذي صار "كالكوز مجخيا لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا" لما أُشربه من الهوى الذي دفعك للشذوذ باستنكارك وللهذي في كتاباتك!!
ليس صعبًا أن تجنب النشأ هذا النوع من الطرح السقيم كإجراء وقائي، لكن من الصعب بمكان أن تسمح للنشأ بمعاقرة هذه الكتب الهابطة الملوثة ثم تأمرهم بضبط أنفسهم وكبت شهواتهم!!
ولا يخفاكم أن درهم وقاية خير من قنطار علاج!!
وقد قال النبي ﷺ: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" وقال: "ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة" وأي غش للأبناء أعظم من أن تتركهم يقتنون مثل هذا الروايات الهابطة ولا تنهاهم عنها..بل وتبرر لنشرها!!
والمتأمل في نصوص الوحيين لا يكاد يجد التصريح في مسائل الجنس، فغالب النصوص جاءت بالتكنية، وإن جاء في بعضها التصريح فهو لمناسبة تقتضي ذلك، وهو قليل جدًا في مقابل النصوص المتوافرة في هذا الباب.
وهذا أدب عظيم يفتقر إليه الكثير من مدعي الثقافة اليوم!!
وهكذا الحال في الكتب التي ألفت في هذا الجانب لمن ينتسب للعلم فلا تكاد تُذكر بل يمكن عدها على أصابع اليد الواحدة لقلتها، ومع ذلك فغالبها محل انتقاد عن عامة أهل العلم لأنها اجتهادات بشر.
أما دعوى أن كتب الفقهاء مليئة بالإيحاءات الجسدية هي دعوى فارغة لا تخرج إلا من أجنبي عن العلم وعن كتب أهله وسقوط هذه الدعوى يغني عن إسقاطها.. 
ويالله العجب!! كيف يزعم من استنكر على الغيورين انتقادهم للروايات الساقطة: أن لكل مقام مقال ولكل فئة عمرية ما يناسب عقليتها، وأنه لم يقل عاقل بأن كل كتاب يصلح لكل أحد!!
فأقول: لم الاستنكار إذن!!
أليس هذا إلا محض التناقض..!!
أعلم يا رعاك الله أن الشريعة جاءت لتبين للناس ما يصلح لهم في معاشهم ومعادهم فليس الأمر راجع لرأيي ورأيك!!
وقد ذكر المروزي أنه قال يوما للإمام أحمد بن حنبل: استعرت كتابًا فيه أشياء رديئة، ترى أن أخرقه أو أحرقه؟
فأجاب الإمام أحمد: نعم.
وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم بيد عمر كتابًا اكتتبه من التوراة وأعجبه موافقته للقرآن؛ فتمعر وجه النبي صلى الله عليه وسلم حتى ذهب عمر إلى التنور فألقاه فيه!!
فقل لي بربك:كيف لو رأى النبي صلى الله وسلم هذه الروايات الهابطة؟!
بل كيف لو رأى من يبرر لنشرها بحجج واهية ساقطة؟!!
والعجب أن يستنكر هؤلاء الشذاذ غيرة الغيورين على أبنائهم ويطالبونهم بدليل على أن الناس توافقهم استنكارهم!!
والأصل في مجتمع الإمارات أنه مجتمع محافظ فالمستند على الأصل لا يحتاج لدليل وإنما الناقل عن هذا الأصل هو الذي يحتاج لدليل يدعّم فيه كلامه..
وأنَّا له ذلك..
وإليكم نص فتوى المركز الرسمي للإفتاء بالإمارات بشأن هذا النوع من الكتب:
السؤال: هل يجوز السماح للأبناء من 5 إلى 18 سنة بقراءة الكتب الروائية المعاصرة التي تكون فيها بعض العبارات الغير لائقة والتي ربما تثير الغريزة الجنسية؟
الجواب: لا تجوز قراءة كل ما يثير الغريزة البشرية بحيث يحمله على ارتكاب الحرام وفقك الله.
وأختم بكلمة عظيمة لوالدنا سمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حفظه الله ورعاه:

"إن البطون إذا جاعت أكلت الجيف, كذلك العقول إذا جاعت أكلت عفونة الأفكار, ولابد نملي هذه العقول بالفكر النافع, وأحسن فكر نافع هو الإيمان بالله"
بقلم/ حمد بن دلموج السويدي