السبت، 1 أغسطس 2015

السنوات الخداعات!!

عندما أشاهد جرأة البعض - ممن هو أجنبي عن العلوم الشرعية، وليس من أهل التخصص فيها، ولا يعرف بها البتة- يخوض في مسائل الأمة المصيرية، ويصف أهل العقيدة الصافية بالتخلف أو التشدد أو الرجعية أو أنهم من (العصور الوسطى)...وغيرها من التصنيفات، أتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم عند فتن آخر الزمان حيث قال: " سيَأتي علَى النَّاسِ سنواتٌ خدَّاعاتُ يصدَّقُ فيها الكاذِبُ ويُكَذَّبُ فيها الصَّادِقُ ويُؤتَمنُ فيها الخائنُ ويُخوَّنُ فيها الأمينُ وينطِقُ فيها الرُّوَيْبضةُ،
قيلَ: وما الرُّوَيْبضةُ؟
قالَ: الرَّجلُ التَّافِهُ يتكلَّمُ في أمرِ العامَّةِ" [رواه ابن ماجه: ٣٢٧٧]
فكل يوم أزداد يقينًا بمدلول هذا الحديث، وأنه لا ينطق عن الهوى، كيف لا, ونحن نشاهد كثرة الرويبضات من حولنا في وسائل التواصل الاجتماعي وفي بعض صحفنا، يهرفون بما لا يعرفون، ويلوون أعناق النصوص الشرعية لتوافق عقولهم السقيمة، ومآربهم المشينة, يتلونون مع الأحداث تلون الحرباء، ويتحدثون بلسان الغيرة على أمن المجتمعات من  الغلو والتطرف وإن كانوا في الحقيقة هم أربابه!!
سيماهم الطعن في حماة الوطن المخلصين من أهل الاستقامة والدين, ومحاولة التشكيك فيهم!!
ويسعون في تشويه صورة المتمسك بثوابت دينه، ووصفه بالتهم الجاهزة مثل: متشدد، يظن أن الدين صار ملكًا له، ليس لأحد الحق في الحديث عن الدين غيره، يريد أن يكون وصيا على الناس...إلخ،
ولكن أنّا لهم ذلك!!
فمن فضل الله علينا أن مجتمع دولة الإمارات قد اكتسب خبرة في كشف زيف المبطلين، ومطاياهم من السذج عشاق الصدارة ممن يصدق في الواحد منهم قول القائل: (لا يدري، ولا يدري أنّه لا يدري).
فعندما يحاولون إيهام الناس بمثل تلك الاتهامات، نجد الردود التي تبهتهم؛ فمجتمع دولة الإمارات ولله الحمد مجتمع واعٍ، ليس فيه مكان لأهل الغلوّ والتطرف، وهم لحمة واحدة حكامًا ومحكومين،
يعرفون لأهل الفضل فضلهم، ويشيدون بدور الناصحين -أصحاب العقيدة الراسخة - بأنهم صمام الأمان ضدّ الغلوّ والتطرف الفكري بشتى أنواعه واختلاف مدارسه.
وأما تلك التهم الجائرة فإنها لم تأتِ من فراغ؛ فإنهم يريدون العبث في الدين بما لا يقره شرع ولا عقل!!
وتواجد أهل العلم في الساحة -ممن يكشف عوارهم ومخططاتهم المستوردة- يسبب لهم قلقًا وعائقًا عن الوصول لذلك المطلب ويحول بينهم وبين ما يشتهون؛ فلذلك لم يجدوا بدًا من الطعن في الناصحين ومحاولة التشكيك فيهم بتلك التهم الرخيصة..!!
صحيح أن الدين ليس حكرًا على أحد، ولكن من العيب أن تتكلّم فيه بجهل مركب، بل هو من أعظم المحرمات، وقد نهانا الله عن ذلك فقال: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}، {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ},
فكما أن الطبيب العام لا يحق له إجراء عملية جراحية في القلب!!
فكذلك لا يحق لغير العالم بالشريعة الخوض فيما لا يحسنه وليس هو من اختصاصه، فكونك مسلما لا يبيح لك الكلام في الدين بجهل وإحداث أقوال جديدة، أو إلزام الناس بما تتبناه من الأقوال المغلوطة!!
بنفسية هجومية منفّرة تستطيع أن ترمي من شئت بالعظائم، وتصنّف المسلمين على "ذائقتك الطائفية" ليطلق عليك لقب: مثقف أو شجاع!!،
ومتى ما ضربت بأقوال الأئمة -كأبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد والأئمة من بعدهم رحمهم الله-، عرض الحائط، وأخذت بهواهم، ومجّدت من يوافقهم الرأي من مدعي العلم، ووصفتهم بأنهم دعاة الوسطيّة، أو أنهم حملة راية السنة النبوية -وإن كانوا في حقيقة أنفسهم خاوين منها-، فأنت من المعتدلين في ميزانهم!!
وهؤلاء الأدعياء لا يقيمون لدراسة العقيدة والتوحيد وزنًا، فلذلك تجد سهامهم في الطعن مسلطة على من يدرّس التوحيد والعقيدة، ونسوا أو تناسوا بأن دعوة النبي صلى الله عليه وسلم والأنبياء قبله قاطبة هي إلى توحيد الله كما قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}، وأما ما يهرف به الأدعياء من أننا على الفطرة وولدنا على الجزيرة العربية، ولا نحتاج لتقوية العقيدة،...وغيرها من الأغلوطات، فحسبي أن أذكّر العقلاء بقول رب العزة في الحديث القدسي: "..وإني خلقتُ عبادي حنفاءَ كلهم، وإنهم أتتهم الشياطينُ فاجتالتهم عن دينهم، وحرَّمتْ عليهم ما أحللتُ لهم، وأمرتهم أن يُشركوا بي ما لم أنزلَ بهِ سلطانًا.." [رواه مسلم: ٢٨٦٥]،
فمن المفترض أن تكون سهامهم موجهة نحو من يحارب العقيدة؛ لأنها أصل دعوة الأنبياء جميعًا وتحوي جميع المفاهيم والتعاليم الإسلامية السمحة التي يحتاجها الناس من التذكير بتقوى الله، والاعتزاز بالدين, ومحبة أهله، والحفاظ على وحدة الصف, وحرمة الدماء وغيرها من الأمور التي تفلتت وحلّ مكانها الغلو والتطرف أو الجفاء والتخلف؛ بسبب الجهل بالعقيدة الإسلامية الصافية الناهية أشدّ النهي عن الفوضى وعن الثورات التي فطرت قلوبنا على إخواننا المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.
أما تهميش دور العقيدة والتشكيك في دعاتها فهو في الحقيقة سبب كلّ بلاء من الخروج على ولاة الأمور، وتكفيرهم، وضياع للأمن، وإراقة للدماء، وانتهاك للأعراض والأموال، فهل يعي هؤلاء الأدعياء خطر تهميش العقيدة والتوحيد؟!
ويا ترى ما هو الفكر الخبيث الذي يحاولون زرعه في مجتمعنا الإماراتي بعد تغلبه -بفضل الله- على فتنة الإخوان المفلسين؟!
فهل هناك دين جديد يريدون ترويجه؟!
كن على يقين أيها القارئ بأنه لا سبيل لدحض الغلوّ والتطرف الفكري إلا بنشر العقيدة الخالدة المستقاة من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي نقلها لنا الصحابة رضي الله عنهم وأتباعهم أهل القرون المفضلة ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
فلم ولن يقف الأدعياء أمام وقف الغلو والتطرف في المجتمع أبدًا ولو كان بعضهم لبعض ظهيرًا؛ لأنهم في الحقيقة البيئة الأولى الحاضنة لكل هذه الآفات!!
لا تتعجب!!
ما عليك إلا قراءة التاريخ القديم والحديث وعندئذٍ ستعرف منزلة العقيدة وستعرف من هم دعاة الحقّ من غيرهم من الأدعياء!