الخميس، 9 مايو 2013

ردا على رسالة "أم المساكين" المسماة بالقائمة السوداء في التحذير من الخدمات!!


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبيه الأمين وعلى آله وصحبه الطيبين وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد:
فهذا رد على رسالة صاحبة خدمة "أم المساكين" التي بعنوان:
"القائمة السوداء في التحذير من الخدمات"
وقد حذرت فيها من بعض الخدمات السلفية، ودعت الناس إلى حذفهم بسبب نقلهم لتحذير العلماء من بعض دعاة الفتنة المشهورين إعلاميا، وعدت ذلك غيبة، واستدلت بطرف من كلام العلامة الفوزان وسماحة مفتي المملكة على عدم التحذير من الدعاة وأن هذا من الغيبة المحرمة!!
هذا ملخص كلامها، والرد عليها من وجوه وأكتفي بذكر وجهين منها:
أولا: ينبغي لمن يخوض في مسائل التحذير أن يتق الله، وأن يخلص النية، ويصلح الطوية، وأن يكون مقصده النصيحة، وأن يكون على علم بكلام العلماء في هذا الباب وأن يعلم أن هناك فرقا بين الغيبة والنصيحة؛ حتى لا تلتبس عليه الأمور ويتخبط في هذا الباب كما حصل لهذه الأخت، نسأل الله أن يردها إلى جادة الصواب، وهاك ملخصا من كلام الإمام النووي في شرح مسلم (١٦/ ١٤٢، ١٤٣) :في باب تحريم الغيبة تحت حديث:  (الغيبة ذكرك أخاك بما يكره....) قال:"...لكن تباح الغيبة لغرض شرعي وذلك لستة أسباب.." إلى أن قال: "..الرابع تحذير المسلمين من الشر وذلك من وجوه منها جرح المجروحين من الرواة والشهود والمصنفين وذلك جائز بالإجماع بل واجب صونا للشريعة...ومنها إذا رأيت متفقها يتردد إلى فاسق أو مبتدع يأخذ عنه علما وخفت عليه ضرره فعليك نصيحته ببيان حاله قاصدا النصيحة"
قلت: الواجب على أهل الحق من العلماء والمشايخ الفضلاء بيان حال كل من تصدى لدعوة الناس ممن يخلط الحق بالباطل على ما تقتضيه المصلحة الشرعية، صونًا للشريعة، ونصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم لأن؛ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "الدين النصيحة" وليس من النصيحة السكوت عن زلات الدعاة وتركهم يعبثون بدين الله فيضلون ويُضلون.
وكم لاقت الأمة الإسلامية اليوم من ويلات ومن سفك للدماء وانتهاك للأعراض بسبب فتاوى شاذة مبنية على مصالح حزبية ومطامع شخصية لا علاقة لها بالدين لا من قريب ولا من بعيد والواقع خير برهان على صدق ما أقول، وحسبي أن أذكر الناس بقوله تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنِّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج:٤٦].

ثانيا: ينبغي أن يفهم كلام العلماء على وجهه الصحيح وألا يؤخذ بطرف من كلامهم ويترك الآخر، حتى لا يفهم كلامهم على خلاف مرادهم، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح (٤/ ٤٤): "...يجب أن يفسر كلام المتكلم بعضه ببعض، ويؤخذ كلامه هاهنا وهاهنا، وتعرف ما عادته يعنيه ويريده بذلك اللفظ إذا تكلم به، وتعرف المعاني التي عرف أنه أرادها في موضع آخر، فإذا عرف عرفه وعادته في معانيه وألفاظه، كان هذا مما يستعان به على معرفة مراده.
وأما إذا استعمل لفظه في معنى لم تجر عادته باستعماله فيه، وترك استعماله في المعنى الذي جرت عادته باستعماله فيه، وحمل كلامه على خلاف المعنى الذي قد عرف أنه يريده بذلك اللفظ بجعل كلامه متناقضا، وترك حمله على ما يناسب سائر كلامه، كان ذلك تحريفا لكلامه عن موضعه، وتبديلا لمقاصده وكذبا عليه."
وهذا الذي قد وقعت فيه هذه الكاتبه، لما أخذت بطرف من كلام العلامة الفوزان وسماحة المفتي!!
والعجيب أنها لما نُقِلَ لها كلام العلامة الفوزان الواضح في مسألة التحذير حارت جوابًا!!
وحاولت التشكيك في نسبة الكلام له وأنا لها ذلك!!
وهاك كلام العلامة الفوزان الواضح في هذه المسألة من كتابه إتحاف القاري بتعليقات شرح السنة للبربهاري [ 1/92 ] طبعة الرشد:
"هذا الذي خرج عن الحق متعمداً لا يجوز السكوت عنه ، بل يجب أن يكشف أمره ويفضح خزيه حتى يحذره الناس ، ولا يقال : الناس أحرار في الراي ، حرية الكلمة ، احترام الرأي الاخر ، كما يدندنون به الآن من احترام الرأي الآخر فالمسألة ليست مسألة أرآء المسألة مسألة إتباع نحن قد رسم الله لنا طريقا واضحا وقال لنا سيروا عليه حينما قال { وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153) } [ الانعام ] فأي شخص يأتينا ويريد منا أن نخرج عن هذا الصراط فإننا:
ـــ أولا : نرفض قوله .
ـــ وثانيا : نبين ونحذر الناس منه ، ولا يسعنا السكوت عنه ، لأننا إذا سكتنا عنه اغترّ به الناس ، لاسيما إذا كان صاحب فصاحة ولسان وقلم وثقافة ، فإن الناس يغترون به ، فيقولون هذا مؤهل هذا من المفكرين ! ، كما هو حاصل الآن فالمسألة خطيرة جدًّا 
وهذا فيه وجوب الرد على المخالف ، عكس ما يقوله أولئك يقولون : اتركوا الردود ، دعوا الناس كلٌّ له رأيه واحترامه ، وحرية الرأي وحرية الكلمة ، بهذا تهلك الأمة ، فالسلف ماسكتوا عن أمثال هؤلاء بل فضحوهم وردوا عليهم ، لعلمهم بخطرهم على الأمة ، نحن لا يسعنا أن نسكت على شرهم ، بل لابد من بيان ما أنزل الله ، وإلا فأننا نكون كاتمين ، من الذين قال الله فيهم { إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ } [ البقرة : 159 ] ، فلا يقتصر الأمر على المبتدع ، بل يتناول الامر من سكت عنه ، فإنه يتناوله الذم والعقاب لأن الواجب البيان والتوضيح للناس ، وهذه وظيفة الردود العلمية المتوفرة الآن في مكتبات المسلمين كلها تذُبُ عن الصراط المستقيم ، وتحذر من هؤلاء فلا يروِّج هذا الفكرة ، فكرة حرية الرأي وحرية الكلمة واحترام الآخر ، إلا مضلل كاتم للحق .
نحن قصدنا الحق ، ما قصدنا نجرح الناس نتكلم في الناس ، القصد هو بيان الحق ، وهذه امانة حمّلها الله العلماء ، فلا يجوز السكوت عن أمثال هولاء ، لكن مع الاسف لو يأتي عالم يرد على أمثال هولاء ، قالوا هذا متسرع ! .. إلى غير ذلك من الوساوس فهذا لايخذّل أهل العلم أن يبينوا شر دعاة الضلال لا يخذلونهم ))

ولا أطيل عليكم ففيما تقدم كفاية لبيان بطلان كلام صاحبة خدمة أم المساكين، لمن أراد الحق، واتبع سبيله بعيدا عن الهوى، وسلوكا لما كان عليه المصطفى، وأصحابه أولي النهى الذين وصفهم ابن مسعود بقوله: "من كان مستناً فليستن بمن قد مات؛ فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة، أولئك أصحاب محمد، أبر هذه الأمة قلوبا، و أعمقها علما، وأقلها تكلفا، قوم اختارهم اللــہ لصحبة نبيه، وإقامة دينه، فاعرفوا لهم حقهم، وتمسكوا بهديهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم"
أسأل الله تعالى أن يسلك بنا طريقهم وأن يثبتنا عليه إلى أن نلقاه، إنه ولي ذلك والقادر عليه والحمدلله رب العالمين.
كتبه أخوكم/ حمد بن دلموج السويدي غفر الله له ولوالديه