الأحد، 20 أبريل 2014

أنواع التمائم وأحكامها

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:
فإن من أفضل ما تصرف فيه الأوقات تعليم الناس الخير لا سيما العقيدة، وتحذيرهم من كل ما يضادها، وإن التوحيد هو أساس دعوة الرسل جميعًا؛ فما من رسول إلا وبعثه الله لتقرير هذا الأصل العظيم ونبذ كل ما من شأنه أن يضاد أصله أو كماله، وإن مما يؤسف له أن يتعاطى فئام من الناس التمائم في كثير من البلاد الإسلامية من غير نكير يُذكر اللهم إلا من أفراد قلائل ممن لهم عناية بتعلم التوحيد وتعليمه.
فالكثير يجهل ما معنى التميمة؟
وما هي حقيقتها؟ وما هو حكمها؟
وهذا الذي سيأتي بيانه في هذه الكلمات الموجزة، ولكن بعد تقرير عقيدة أهل السنة في باب الأسباب فأقول وبالله التوفيق:
معنى السبب: هو كلُّ شيءٍ يُتَوَصَّلُ به إِلى غيره كما قال ابن منظور في [اللسان (7 /100)].
فسبب الحصول على الذرية الزواج، وسبب الشِّبع الأكل وهكذا.
وتثبت الأسباب بطريقين لا ثالث لهما:
١- عن طريق الشرع (الكتاب والسنة): بمعنى أن يثبت دليل في الشرع على أنه سبب في حصول المسبَّب.
٢- عن طريق القدر (التجربة المباشرة الظاهرة): بمعنى أن يثبت بالتجربة أن شيئًا ما سبب في حصول المسبَّب, وألا يكون هذا السبب مما حرمته الشريعة كالخمر وغيرها؛ لأن الخمر ربما يساعد في علاج بعض الأمراض ولكنه يمنع لأنه محرم.
ومعنى المباشرة: أن يوجود اتصال بين السبب والمسبَّب، مثل وضع زجاجة الماء داخل الثلاجة سبب لتبريدها بانتقال البرودة من جوف الثلاجة الباردة إلى الزجاجة، بخلاف ما لو وضعت الزجاجة خارجها فلن تبرد ولو كانت بجوارها.
ومعنى الظاهرة: أن يكون الاتصال ظاهرًا ولو لبعض الناس من أهل الاختصاص, فمثلا: بعض أبواب المنازل تفتح بواسطة أجهزة لاسلكية ونوع الاتصال هذا ظاهر بالنسبة لأهل الاختصاص دون غيرهم.
وأهل السنة يثبتون من الأسباب ما ثبت كونه سببًا من جهة الشرع أو القدر وينفون ما عداه من الأساب الموهومة.
وأنبِّه إلى أمر مهم وهو أن حصول المسبَّب (أي: النتيجة المرجوة من فعل السبب) راجع لمشيئة الله عز وجل, فإن شاء سبحانه أجرى هذا السبب فحصل به المطلوب وإن شاء منعه.

وأصناف الناس مع الأسباب ثلاثة:
يقول العلامة ابن عثيمين رحمه الله: "والناس في الأسباب طرفان ووسط:
فالطرف الأول: نفاةٌ أنكروا تأثير الأسباب...وهؤلاء خالفوا السمع، وكابروا الحس، وأنكروا حكمة الله تعالى في ربط المسببات بأسبابها.
والطرف الثاني: غلاةٌ أثبتوا تأثير الأسباب، لكنهم غلوا في ذلك وجعلوها مؤثرة بذاتها. وهؤلاء وقعوا في الشرك، حيث أثبتوا مُوجِدًا مع الله تعالى، وخالفوا السمع، والحس،فقد دل الكتاب والسنة وإجماع الأمة على أنه لا خالق إلا الله..
وأما الوسط: فهم الذين هُدوا إلى الحق، وتوسطوا بين الفريقين،
وأخذوا بما عند كل واحد منهما من الحق ، فأثبتوا للأسباب تأثيرًا في مسبباتها، لكن لا بذاتها بل بما أودعه الله تعالى فيها من القوى الموجبة " انتهى باختصار وتصرف يسير [مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين (4 /207-208)].

ومما يضاد التوحيد الالتفات بالقلب للأسباب!!
فكثير من الناس يفعل السبب ويُعَلِّقُ قلبه عليه وهذا مناقض للتوحيد!!
قال ابن أبي العز الحنفي رحمه الله: "ومما ينبغي أن يعلم، ما قاله طائفة من العلماء، وهو: أن الالتفات إلى الأسباب شرك في التوحيد! ومحو الأسباب أن تكون أسبابًا نقص في العقل، والإعراض عن الأسباب بالكلية قدح في الشرع...وبيان ذلك: أن الالتفات إلى السبب هو اعتماد القلب عليه، ورجاؤه والاستناد إليه. وليس في المخلوقات ما يستحق هذا، لأنه ليس بمستقل، ولا بد له من شركاء وأضداد مع هذا كله، فإن لم يسخره مسبب الأسباب لم يسخر" [انتهى باختصار من شرح العقيدة الطحاوية ص٤٦٨]
قال المقريزي رحمه الله: "فإن التوحيد حقيقته: أن ترى الأمور كلها من الله تعالى رؤية تقطع الالتفات إلى الأسباب والوسائط، فلا ترى الخير والشر إلا منه تعالى، وهذا المقام يثمر التوكل، وترك شكاية الخلق، وترك لومهم، والرضا عن الله  تعالى، والتسليم لحكمه" [تجريد التوحيد ص٦]
وعلاقة ما سبق بموضوع التمائم هو كون التمائم من الأسباب الموهومة التي جُعلت أسبابًا لحصول المسبَّبات من جلب خير أو دفع ضر, ولم يثبت شرعًا ولا قدرًا أنها أسباب لذلك!!
والقاعدة في هذا الباب: أن جعل الشيء سببًا وهو ليس بسبب لا شرعًا ولا قدرًا من الشرك الأصغر؛ لأنه يوجب تعلُّق القلب بغير الله, ولأن تشريع الأسباب وجعلها أسبابا هو من خصائص الرب تبارك وتعالى لا يجوز لأحد أن يجعل نفسه شريكا لله في ذلك.
وبعد هذا التقرير نشرع في بيان معنى التمائم وأنواعها وأحكامها.
التمائم: جمع تميمة وهي كل ما يعلَّق لتتميم أمر الخير أو دفع أمر الشر.
وهي على نوعين:
١- تمائم شركية وهي ما كانت من غير القرآن.
٢- تمائم محرمة وهي ما كانت بالقرآن فقط.
والتمائم الشركية على قسمين:
١- تكون شركًا أكبرًا إذا اعتقد أنها تنفع وتضر بنفسها على وجه الاستقلال.
٢- وتكون شركا أصغرًا إذا اعتقد أنها مجرد سبب لجلب الخير أو دفع الضر.
الدليل: عن عقبة بن عامر الجهني أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أقبل إليه رهطٌ فبايعَ تسعةً وأمسك عن واحدٍ فقالوا يا رسولَ اللهِ : بايعتَ تسعةً وتركتَ هذا؟!
 قال: "إنَّ عليه تميمةً" فأدخل يدَه فقطعها فبايعَه, وقال:" من علَّقَ تميمةً فقد أشركَ" . [ السلسلة الصحيحة - 492]
والتمائم المحرمة كما سبق هي ما كانت بالقرآن فقط دون غيره، وقلنا بتحريمها لأمور:
١- أن فيها امتهانا لكلام الله عز وجل بإدخالها لدورة المياه أو بتلويثها بالعرق الذي يخرج من جسم لابسها.
٢- أن فيها تشبها بمن يلبس التمائم الشركية، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "من تشبه بقوم فهو منهم" [صحيح الجامع 6149]
٣- أن في إبقائها ترويجا للتمائم الشركية وفي منعها سدٌ لذريعة الشرك.
وهذه صورة لتميمة قبل فتحها كانت معلقة على طفلة آسيوية:
وفي الغالب عندما تنصح من يعلق هذه التمائم يعتذر ويقول أن فيها قرآنًا فقط فلننظر ما في التميمة السابقة بعد فتحها:

وجدنا فيها آية الكرسي، وبعض الأرقام التي لها دلائل عند أهل الشعوذة, وفيها أسماء للملائكة مثل: جبريل وإسرافيل (وعزرائيل!!) وهي تسمية مشهورة عند العوام لملك الموت ولا يصح أن يسمى بها, وفيها اسم النبي صلى الله عليه وسلم..كما في الصور التالية:




والسؤال الآن: لماذا وضعت هذه الأسماء؟!
لا أجد تفسيرًا لهذا الفعل إلا أنها وضعت للاستغاثة بها وكذلك الأرقام لها دلائل من هذا القبيل ومعلوم أن الاستعانة أو الاستغاثة بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله شرك أكبر.
فالواجب الحذر والإنكار على من علق التمائم.
وختاماً فإن التمائم لها صور كثيرة وأشكالٌ عديدة ضابطها هو كل ما يعلق لجلب خير أو دفع ضر وهو ليس سببا لذلك لاشرعاً ولاقدراً.
وإليكم بعض أشكال التمائم:



ومما يدخل في قاعدة الأسباب السابق ذكرها التداوي بالحلق المعدنية وما يسمى بأسورة الطاقة والأحجار الكريمة كما في الصورة التالية:






والدليل: عن أبي بشير الأنصاري: أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم رسولا: "لا تبقين في رقبة بغير قلادة من وتر أو قلادة إلا قطعت" [متفق عليه]
وختاما أسأل الله أن أكون قد وفقت في عرض الموضوع بشكل مبسط وأن ينفع به الناس وأن يجزي خيرًا كل من ساهم في نشر هذا الموضوع والحمد لله رب العالمين.
كتبه أخوكم/ حمد بن دلموج السويدي
20/جمادى الآخر / 1435 هـ
20/ إبـــريــــل / 2014م