الجمعة، 10 أكتوبر 2014

إليك يا من وُفقت لحج بيت الله الحرام..

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الملك العلام ذي الجلال والإكرام تفضَّل عليك بأن جعلك من حجاج بيت الله الحرام، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد خير من صلى وصام وحج بيت الله الحرام، وعلى آله وصحبه الأخيار والتابعين لهم بإحسان ومن تبعهم من الأبرار، أما بعد:
فهنيئا لكم يا من اختصكم الله تعالى من بين ملايين الأنام لتكونوا من وفده في هذا العام، قال صلى الله عليه وسلم: "الحجاج والعمار وفد الله، دعاهم فأجابوه، وسألوه فأعطاهم" [صحيح الجامع: ٣١٧٣]،
وهنيئًا لكم الأجور العظيمة من خروجكم من بيوتكم إلى وصولكم البيت الحرام، قال صلى الله عليه وسلم: "أما خروجك من بيتك تؤم [أي: تقصد] البيت الحرام، فإن لك بكل وطأة تطأها راحلتك، يكتب الله لك حسنة، ويمحو عنك سيئة..."[صحيح الجامع:١٣٦٠]
وأبشركم ببشارة نبوية عظيمة قال صلى الله عليه وسلم: "ما أهلّ مهل قط إلا بشر، ولا كبر مكبر قط إلا بشر.
قيل: يا رسول الله بالجنة؟
قال: نعم" [صحيح الجامع: ٥٥٦٩]
أيام عظيمة قد انقضت، وليال جميلة قد تصرمت، شهد فيها الحجيج يومًا عظيمًا هو خير أيام الدنيا وهو يوم عرفة، قال صلى الله عليه وسلم: "أما وقوفُك بعرفةَ؛ فإنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ ينزلُ إلى السماءِ الدنيا فيباهي بهم الملائكةَ،
فيقولُ: هؤلاءِ عبادي جاؤوني شُعثًا غُبرًا من كلِّ فجٍّ عميقٍ، يرجون رحمتي ويخافون عذابي ولم يروني، فكيف لو رأوني؟
فلو كان عليك مثلُ رملِ عالجٍ [الرمل الكثيف] أو مثلُ أيامِ الدنيا أو مثلُ قطرِ السماءِ ذنوبًا غسلها اللهُ عنك" [صحيح الجامع:١٣٦٠]
فهنيئا لمن شهد ذلك الموقف العظيم..
وهنيئا لمن طاف ببيت الله العتيق،  قال صلى الله عليه وسلم: "..فإذا طُفتَ بالبيت خرجتَ من ذنوبِك كيومِ ولدتْك أمُّك" [صحيح الجامع:١٣٦٠]
الله أكبر!!
محيت عنك الزلات..
وتساقطت عنك السيئات..
وصرت نقيًا كيوم ولدتك أمك..
كيف لا؟!
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو : "أما علمت...أن الحج يهدم ما كان قبله ؟" [رواه مسلم: ١٢١]
فحري بك أخي المسلم يا من وفقك الله للحج في هذا العام، ومنَّ عليك بإتمامه بيسر وسلام، أن تشكر نعمة الله عليك..فبالشكر تدوم النعم، قال الله تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم:٧]
وحري بك أيها الموفق أن تفتح صفحة جديدة وأن تحدث في حياتك نقلة فريدة، تغلق فيها دواوين السيئات وتفتح فيها سجلات الحسنات، فالحسنة تجر أختها..
والسيئة لا تأتي إلا بمثلها..
فاستكثروا من الخير..
فمن كانت ذنوبه قد أثقلته عن الصلوات أو فعل باقي الخيرات، فهذه الفرصة قد أقبلت..فاغتنمها ولا تسوِّف..
ومن كان مقصرًا في حق والديه، أو زوجته وبنيه، أو إخوانه وذويه، فاجتهد في وصلهم وقضاء حاجاتهم ولا تسود صحيفتك بقطيعة الرحم بعدما عادت نقية بفضل ذي الجلال والكرم..
ومن كان مسرفًا على نفسه بالذنوب فقد آن أوان هجران تلك الدروب، وقد رجوت بحجك غفران الذنوب؟!!
وأعلم أن من علامة قبول العمل الصالح (الحج وغيره..) أن يصلح حال الإنسان بعده فإن الحسنة تجر أختها، قال سعيدُ بن جبير: "من ثواب الحسنةِ الحسنةُ بعدها، ومن عقوبة السيئةِ السيئةُ بعدها"
فأسأل الله أن يجعل حجكم مبرورًا، وسعيكم مشكورًا وذنبكم ومغفورًا..
بقلم / حمد بن دلموج السويدي