الأربعاء، 13 أبريل 2016

إرشاد الأحبة إلى بطلان حجج الملاحدة

مما علم بضرورة العقول أنه لا بد من موجود قديم أزلي غني عما سواه، مفتقر إليه كل من عداه؛ إذ ما من حادث إلا وله مُحدث، وما من مخلوق إلا وله خالق، وقد عُلم ببدائه العقول أن الخالق لا يمكن أن يكون مخلوقًا كما لا يمكن للمخلوق أن يكون  خالقًا، فما ثم إلا خالق ومخلوق، وقد أبطل الله عزَّ وجل سفسطة الملاحدة في ثمان كلمات فقال: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ}
فهذه الآية تحتمل أحد ثلاثة احتمالات:
- الاحتمال الأول: أن الخلق خُلِقَوا من غير خالق (صدفةً)!!
- الاحتمال الثاني: أن الخلق خَلقوا أنفسهم!!
- الاحتمال الثالث: أن لهم خالقًا.
فهل يقول عاقل بأن هذا الخلق العظيم والنظام البديع خُلق صدفةً من غير خالق؟!!
الجواب: حاشا وكلا!! أن يقول ذلك من عنده مسكة من عقل فإن الصدفة محض العشواء فكيف لها أن تنتج خلقًا بديعًا منتظمًا؟!!
وهل يجرؤ أحد على القول بأن الخلق هم الذين خلقوا أنفسهم؟!!
الجواب: حاشا وكلا!!
فإذا لم يكونوا خُلقوا من غير خالق، ولا هم الخالقون لأنفسهم تعين أن لهم خالقًا وهو الله تبارك وتعالى.
ولله در ذلك الأعرابي حينما سئل: بم عرفت ربك؟
فقال: البعرة تدلك على البعير، والأثر يدل على المسير، فسماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج ألا تدل على اللطيف الخبير؟!!
وفي كل شيء له آية***تدل على أنه واحد
ذُكر عن أبي حنيفة رحمه الله: أن قوما من الملاحدة أرادوا مناظرته فقال لهم: أخبروني قبل أن نتكلم في هذه المسألة عن سفينة في دجلة، تذهب، فتمتلئ من الطعام والمتاع وغيره بنفسها، وتعود بنفسها، فترسو بنفسها، وتفرغ وترجع، كل ذلك من غير أن يدبرها أحد؟!
فقالوا: هذا محال لا يمكن أبدا!
فقال لهم: إذا كان هذا محالا في سفينة، فكيف في هذا العالم كله علوه وسفله!!
ولست بحاجة للاسترسال في إثبات وجود الرب جلَّ وعلا؛ إذ وجوده أبين من أن يستدل له كما قال الشاعر:
وليس يصح في الأذهان شيء***إذا احتاج النهار إلى دليل
ومما لا شك فيه أن الملاحدة شرذمة قليلة تعيش في حيرة وقلق وصراع داخلي عميق لمحاولتهم إنكار ما يجدون أنفسهم إليه مضطرة من إثبات وجود خالق لهذا الكون وهو الله جلَّ في علاه..
ولا تزال الشياطين تؤزهم إلى الإنكار أزًا, وتدفعهم شهواتهم البهيمية إلى ذلك دفعًا حتى تظاهروا به أمام الناس مكابرين ما يجدونه من الاحساس كما حكى الله عزَّ وجل في كتابه العزيز عن أسلافهم (فرعون وقومه): {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا
{ وَجَحَدُوا بِهَا} أي: في الظاهر,
{ وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ} أي: في الباطن,
وسبب هذا الإنكار { ظُلْمًا وَعُلُوًّا}. 
فمهما حاولوا الإنكار فإن صدروهم تغلي بمراجل الإقرار وهذا واقع ما له من دافع!!
ووقوع بعض الشباب في هذا المستنقع النتن والفكر العفن سببه:
الجهل بالدين ومحاسنه،
وحب الشهوات والرغبة في الانفلات،
والنظر بعين الإعجاب لملاحدة الغرب لتقدمهم في الماديات،
وعدم العلم بحكمة الله في أوامره القدرية،
والقراءات المغلوطة لاسيما الروايات المشبوهة، 
والكِبْرُ الذي في نفوسهم كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ
عافانا الله وإياكم..
والملاحدة القدامى على كفرهم وضلالهم وخبث مسالكهم كان عندهم مزعة يسيرة من عقل..فهم يسلمون بالمسلمات العقلية والحقائق العلمية التي تنقض نظرياتهم يوما بعد يوم ‏بخلاف (مُليحدة العرب) في هذا الزمان فلا مسلمات عندهم وهم أذناب لمجانين الغرب يلهثون خلفهم بلا عقل ولا أدنى فكر..‼
فــــيـــا إخــــواني..
لا تُسهموا بنشر تغريدات الملاحدة ولو على سبيل الإنكار فإن هذا بمثابة الدعايا لضلالهم, وهم يفرحون بذلك!! فلا تكونوا عونًا لهم..
وهم أحقر من أن يلتفت لهذيانهم وسفه عقولهم..
فإذا ‏مررت بحساب ملحد -في برامج التواصل الاجتماعي- فتذكر نعمة الله عليك إذ عافاك مما ابتلاه به من عطب العقل والفساد الأخلاقي الذي لا تكفيه عشرات الأسطر!!
ونار الشكوك والحيرة التي تضطرم في ذلك الصدر
حتى قال أحدهم:
جئت لا أعلم من أين ولكني أتيت**
ولقد أبصرت قدامي طريقا فمشيت
وسأبقى ما شيا إن شئت هذا أم أبيت**
كيف جئت؟ كيف أبصرت طريقي؟
لست أدري!
وهذا من الخزي والعقوبات المعجلة لهم في الدنيا كما قال تعالى: { وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ(8) ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ}
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: " المعرض عما بعث الله تعالى به محمداً صلى الله عليه وسلم من الهدى ودين الحق يتقلب في خمس ظلمات: قوله ظلمة، وعمله ظلمة، ومدخله ظلمة، ومخرجه ظلمة، ومصيره إلى ظلمة، فقلبه مظلم وكلامه مظلمة وحاله مظلم، وإذا قابلت بصيرته الخفاشية ما بعث الله به محمداً من النور جدّ في الهرب منه وكاد نوره يخطف بصره، فهرب إلى ظلمات الآراء التي هي أنسب به وأولى، كما قيل: خفافيش أعشاها النهار بضوئه، ووافقها قطع من الليل مظلم، فإذا جاء إلى زبالة الأفكار ونحاتة الأذهان: جال وصال وأبدى وأعاد وقعقع وفرقع، فإذا طلع نور الوحي وشمس الرسالة: انحج في أجحرة الحشرات.."
وقد ادعى الدكتور إسماعيل أدهم أنه وجد السعادة في الإلحاد فماذا كانت نهايته يا تُرى؟!
مات منتحرًا نسأل الله السلامة والعافية.
فأميتوهم بتجاهلهم وعدم الالتفات لهم كما قيل: أميتوا الباطل بالسكوت عنه.
بقلم/
حمد بن دلموج السويدي‏‫