السبت، 12 يوليو 2014

يقينا تناسينا

بسم الله والصلاة والسلام على رسوله الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:
ففي زحمة الدينا وتقلبنا في نعيمها لابد لنا من وقفة صادقة مع أنفسنا نتذكر بها الغاية التي من أجلها خُلقنا وهي عبادة الله وحده لا شريك له كما قال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ}!!
فأين نحن من هذه الغاية؟!
لو تأملت حال كثيرٍ منا، تجده يجتهد لدنياه الفانية ولكأنه خالدٌ مخلدٌ فيها!!
ونسي أو تناسى أنها زائلة والباقي فيها راحل، والأيام مراحل لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: "..ما أنا في الدنيا إلا كراكبٍ استظلَّ تحت شجرةٍ، ثم راح و تركها" [صحيح الجامع 5668]
فالدنيا دار ممر وليست بدار مستقر، فلابد من الرحيل كما قال الشاعر:
حكم المنية في البرية جارِ ** ما هذه الدنيا بدار قرار
طُبعتْ على كدر وأنت تريدها ** صفواً من الأقذار والأكدار
فإلى متى الغفلة يا عبد الله؟!
ونحن :
في كل يوم لنا ميت نشيعه ** نرى بمصرعه آثار موتانا
يا نفس ما لي وللأموال أتركها ** خلفي وأخرج من دنياي عريانا
والمتأمل في حالنا يرى كأننا فهمنا قول الله تعالى: {وَٱبْتَغِ فِيمَا ءَاتَٰكَ ٱللهُ ٱلدَّارَ ٱلأَخِرَةَ وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ ٱلدُّنْيَا} فهما مقلوبًا!!
فصار النصيب الأعظم من الأوقات للدنيا وحطامها!!
وما فَضُلَ من الوقت إن وجد فهو للآخرة!!
فاشربت القلوب حب الدنيا، وشغلت الأذهان بزخارفها، وصارت صلاتنا أشبه بحركات لا روح لها!!
ما أن يقول المصلي الله أكبر!! فإذا بالأذهان تسرح في حطام الدنيا الزائلة!!
فلا تعجب بعد ذلك إن لم تنهك صلاتك عن الفحشاء والمنكر لأن الله يقول: { إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [العنكبوت: ٤٥] ولكن الخلل فيك فهّلا تفطنت لذلك يا عبد الله!!
أين نحن من قوله صلى الله عليه وسلم "يَا بِلاَلُ، أَقِمِ الصَّلاَةَ أَرِحْنَا بِهَا"؟!
لسان حال البعض يقول: يا إمام أسرع بالصلاة، أرحنا منها!!
أليس هذا واقع كثير منا؟!!
هلا تداركنا ما بقي من آجالنا لعل الله أن يتجاوز عنا إفراطنا فيما مضى من أعمارنا؟!!
رُوي عن التابعي الجليل عروة بن الزبير أنه أصابه داء في رجله وأجمع الأطباء على بترها، فهموا أن يسقوه خمرا أو مخدرا حتى يقطعوها فرفض وأمرهم بقطعها وهو يصلي!! فما تحرَّك وما سُمِعَ له صراخ ولا أنين!!
لا تعجب فمثل هذا لا يبعد عمن أقبل على الله بكليته قلبا وقالبا!!
هذه ذكرى والذكرى تنفع المؤمنين، فإن لم تنتفع بالذكرى فأخشى أن يكون لك نصيب من قوله تعالى: {سَأَصْرِفُ عَنْ آَيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آَيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ} [الأعراف: ١٤٦]
فنعوذ بالله من الغفلة ونسأل الله أن يحينا على ذكره وشكره وحسن عبادته والحمد لله رب العالمين.
بقلم / حمد بن دلموج السويدي