الجمعة، 21 فبراير 2014

توضيح النصائح العشر المقدمة للخدمات الإسلامية والمشتركين بها


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:
فهذا تعليق موجوز لبيان ما تضمنته "النصائح العشر الموجهة للخدمات الإسلامية والمشتركين بها" والتي كتبتها قبل مدة من الزمان، ورأيت أن أعلق عليها بشيء من التوضيح ليعم النفع بها خصوصا ونحن نشاهد اليوم انتشارًا للخدمات الدعوية وإقبال الناس عليها؛ لما تنشره بعض تلك الخدمات من الرسائل القيمة والتي تحمل في طياتها العلم النافع ولله الحمد.
ولكن ثمة أمور لابد من التنبيه عليها لأصحاب الخدمات وللمشتركين بها وأجملها في هذه النصائح العشر التي أسأل الله أن يكتب لها القبول وهو خير مسؤول.
النصيحة الأولى:
الدعوة إلى الله أمانة فلا تحمِّل نفسك ما لا تطيق ولا تتكلَّف علم ما ليس لك به علم قال تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء: ٣٦].
من أراد أن يفتح خدمة إسلامية فلابد أن يكون على قدر من العلم يحمله على ملازمة التقوى ويجنبه التشبع بما لم يعطَ؛ فإن البعض يحسن الظن بأصحاب الخدمات ويبدأ يسأله في مسائل الدين صغيرها وكبيرها، فبعض أصحاب الخدمات يكتفي بالنقل عن أهل العلم وهذا هو المتعين عليه، والبعض يتجرَّأ ويقحم نفسه في الفتوى فتجده يأتي بالعجائب والله المستعان!!
فالواجب أن يعرف الإنسان قدر نفسه وألا يحملها ما لا تطيق من الآثام، وألا يستحي من قول لا أدري فقد قال ابن عباس رضي الله عنه: "إذا ترك العالم قول لا أدري أصيبت مقاتله" [عيون الأخبار ٢ / ١٤١] فإذا كان العالم تصاب مقاتله إن ترك قول لا أدري فكيف بمن هو دونه في العلم بمراحل؟!!
النصيحة الثانية:
اتق الله فيما تنقله للناس، وأعلم أنك مسؤول عنه، فلا تنقل إلا ما تتيقن صحته قال صلى الله عليه وسلم: "كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع" [رواه مسلم في مقدمة صحيحه]
نقل الرسائل الدينية بدون تثبت من صحة ما فيها سمة غالبة على كثير من الخدمات الإسلامة إلا من رحم الله؛ والسبب هو قلة العلم وعدم القدرة على التمييز بين الغث والسمين، وهذا يفسد على الناس دينهم ويساهم في نشر البدع بينهم، وأنا لا أشك أن من فتح خدمة إسلامية إنما كان قصده الخير ولكن كما قال عبدالله ابن مسعود: "وكم من مريد للخير لن يصيبه" [السلسلة الصحيحة ٥ / ١١].
النصيحة الثالثة:
اتق الله فيمن يشترك عندك من النساء خصوصًا ولا تستمل قلوبهن؛ فإن النفوس جبلت على حب من يحسن إليها.
فالبعض هداه الله يُجَمِّلُ العبارات مع النساء ويلينها ليصبح كالأب الحنون أو الأم العطوف، أو الأخ الودود، فيستميل بذلك قلوبًا فارغة ونفوسًا كانت به واثقة، فلا تسأل بعد ذلك عن العاقبة!!
فالواجب الحذر، وعامل النساء كما تحب أن يعامل غيرك محارمك إن وجدت حاجة لذلك، وإلا فقفل هذا الباب من أصله هو المتعيِّن وسيأتي مزيد إيضاح فيما يلي.
النصيحة الرابعة:
بعض الأخوات من غفلتها تثق بسرعة في أصحاب الخدمات فتبدأ تستشيره في كل أمورها الشخصية وربما تفشي له بعض أسرار حياتها الزوجية؛ كل ذلك من باب إحسان الظن به!!
ولربما كان هذا المستشار صغيرًا أو أعزبًا لا يعرف عن الحياة الزوجية أصلا !!
فالواجب الحذر قال صلى الله عليه وسلم: "المستشار مؤتمن" [رواه الترمذي ٥٢ وصححه الألباني]
هذا باب خطير تهدم بسببه البيوت عندما يستشار من ليس أهلا لذلك وقد رُوي عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه وُجِدَ يبكي، فقيل له: ما يبكيك؟ أمصيبة دخلت عليك؟ فقال: لا، ولكن استفتي من لا علم له وظهر في الإسلام أمر عظيم،
ثم قال: ولبعض من يفتي ها هنا أحق بالسجن من السراق" [جامع بيان العلم وفضله 2/1225].
وقد تستغل المرأة العفيفة حال ضعفها فالواجب الحذر، والبحث عن أهل التقوى ممن لهم عناية في هذا الباب حتى تؤمن العواقب وتحمى الأسر من تفكيكها وتمزيقها بسبب استشارة الأغمار.
النصيحة الخامسة:
غالب أصحاب الخدمات هم من العوام وبعضهم مبتدِئ في طلب العلم وقلة قليلة جدًا من عندهم شيء من العلم الشرعي فالواجب التمييز قال ابن سيرين: "إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم" [رواه مسلم في صحيحه]
إذا كان الواحد منا يجتهد في البحث والتحري عن الطبيب الحاذق لطلب صلاح بدنه، فمن باب أولى أن يجتهد في البحث والتحري عمن يصلح الله به أمراض قلبه؛ لأن علماء الشرع هم أطباء القلوب، وإذا صلح القلب صلحت سائر الأعضاء كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "...ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله, وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب" [متفق عليه]، فلا تجعل دينك عرضة لعبث العابثين فدينك رأس مالك فحافظ عليه.
النصيحة السادسة:
بعض الأخوات يُلِنَّ القول مع أصحاب الخدمات مما يسبب نشأة بعض العلاقات المحرمة وتعلُّق الطرفين ببعض وهذا منكر عظيم وضلال مبين نسأل الله العافية قال تعالى: { فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا} [الأحزاب: ٣٢]
يجب على المرأة أن تضع حدودًا للتخاطب مع غير المحارم إن كانت هناك حاجة للخطاب، وأن يكون كلامها بعيدًا عن الخضوع بالقول -وهو ترقيق الكلام إذا خاطبن الرجال كما فسره السدي وغيره-، وأن يكون كلامها بالمعروف، قال ابن كثير في بيان قوله تعالى: {وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا} "أي: تخاطب الأجانب بكلام ليس فيه ترخيم، أي لا تخاطب المرأة الأجانب كما تخاطب زوجها" [تفسير ابن كثير ٥ / ١٦٨].
والواجب على أصحاب الخدمات ألا يتساهلوا في التنبيه إذا لمس من بعضهن رقةً في القول وألا يسمح لهن بالكلام في غيرما حاجة.
النصيحة السابعة:
لا تستغل الدين!!
فمن أحس من نفسه ضعفًا وميلًا للنساء فالواجب عليه إغلاق هذا الباب؛ فسلامة الدين لا يعدلها شيء قال صلى الله عليه وسلم: "ما تَركتُ بَعدي فِتنَةً أضرَّ على الرجالِ منَ النساءِ" [رواه البخاري ٥٠٩٦]
قد تكون النيِّة صالحة في بداية الأمر، والرغبة موجودة في نشر الخير، ولكن ربما ضعفت النفس، وتداعت عليها شياطين الجن والإنس، فتتبدل النية الصالحة فتصبح طالحة ويالها من بلية فاضحة!!
فكن على حذر وانأَ بنفسك عن هذا المنحدر، فالعصمة لم تك يومًا للأولياء فكيف بمن هو غارق في الذنوب صباح مساء؟!!
فاتق الله في نفسك ولا تفقد الناس الثقة بالصالحين بفعلك؛ ولا تجعل أعداء الدين يفرحون بزلتك فتسوِّغ لهم الطعن في أهل الدين بخطيئتك!!
فلن يقول العامة فلانٌ أخطأ!!
ولكن سيقال: هكذا هم أهل الدين (المطاوعة) !!!!
وهذا التعميم الجائر واقع ما له من دافع!!
فكن على حذر.
النصيحة الثامنة:
من كانت تحس بريبة من تصرفات وكلمات صاحب الخدمة فلا تتردد في حذفه قال صلى الله عليه وسلم: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" [صحيح الجامع ٣٣٧٧].
فالسلامة لا يعدلها شيء والتساهل في هذا الباب خطير، والشيطان له مداخل، والنفوس ضعيفة، فلا تترددي في خذف من تجدين في كلامه ريبة، فدرهم وقاية خير من قنطار علاج، وهذا النوع من الأمراض يفتك بالأعراض ويجلب العار نسأل الله السلامة والعافية.
النصيحة التاسعة:
بعض النساء تتعمَّد إغواء أصحاب الخدمات!!
ولكأنها تُراهن غيرها على ذلك فلا تكن الضحية {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَالله يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النور: ١٩].
هذا الصنف موجود وليس هو من نسج الخيال، ولهم أساليب وطرق يخدعون بها أصحاب الخدمات فلا تكن الضحية، فكن حذرًا في التعامل مع النساء ولا تغتر بمن تختلق لك القصص الخيالية من أنها مظلومة وتعيش في تعاسة وووو....حتى تكسب شفقتك، ويلين بذلك قلبك، وتتفلت عليك عبارتك!!
فإن ظفرت منك بكلمة, صورت تلك المحادثات ونشرتها بكل وقاحة نسأل الله السلامة والعافية.
النصيحة العاشرة:
كونوا على يقين بأن الله مطلع عليكم وناظر إليكم لا تخفى عليه خافية وهو يمهل ولا يهمل {إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} [الملك: 12].
استحضر مراقبة الله جل وعلا، ولا تجعل الله أهون الناظرين إليك، ولا تنظر إلى صغر المعصية ولكن انظر إلى عظمة من عصيت!!
يقول ابن القيم رحمه الله " للعبد ستر بينه وبين الله وستر بينه وبين الناس فمن هتك الستر الذي بينه وبين الله هتك الله الستر الذي بينه وبين الناس" [الفوائد: ص59]
وقد قيل "ذنوب الخلوات أصل الانتكاسات"، فمن أراد أن يعرف حقيقة نفسه فلينظر إلى ما تدعوه في خلواته، فإن دعته إلى الطاعة فليحمد الله وليستبشر خيرًا وإن دعته إلى المعصية فليتعوذ بالله من شرها, وليجتهد في إصلاحها قبل أن يتصدر لإصلاح الناس، وفي هذا المعنى يقول ابن قدامة رحمه الله: "وإياك أن تشتغل بما يصلح غيرك قبل إصلاح نفسك, واشتغل بإصلاح باطنك وتطهيره من الصفات الذميمة...قبل إصلاح ظاهرك...فإن مهلك نفسه في طلب صلاح غيره سفيهٌ, ومثله مثل من دخلت العقارب تحت ثيابه وهو يذب الذباب عن غيره" [مختصر منهاج القاصدين: ص30 باختصار]
وختاما أسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد والحمد لله رب العالمين.
كتبه أخوكم/
حمد بن دلموج السويدي
22 / ربيع الآخر / 1435هـ
22 /     فبراير       /  2014

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق