الجمعة، 17 يناير 2014

مغردونا إلى أين؟!

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:
إن القلب ليتقطع حزنا لجرأة بعض المغردين في كلامهم حول مسائل الدين بلسان عقيم مشوب بالطعن في العلماء الراسخين!!
مبررين تلك الجهالات بـ "حرية الرأي" زعموا!!
وكأن هذه الكلمة من وحي السماء هكذا أُوهِموا!!
حتى جوز من لا يعرف للرب قدره الإعتراض عليه!!
ونادى الذي تولى كبره بتقديم الحرية على شريعته!!
وهذا مصداق قول النبي صلى الله عليه وسلم: "...إن لم تستح ِفافعل ما شئت" [رواه البخاري ٣٤٨٣].
ومعلوم أن من تكلم في غير فنه أتى بالعجائب!!
وأي عجب أعظم من أن يُتعدى على مقام الرب جل وعلا!!
أو يُطعن في العلماء من قبل أهل العمى!!
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ليس منا من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه" [صحيح الجامع ٥٤٤٣].
واليوم نبتت فينا نابتة سوء، من قاصري العلم والديانة، أرباب جهلٍ وأتباع كل ناعق، يغردون بأنواع من الجهالات يستحي أبو جهل في زمانه أن يتفوه ببعضها!!
يطعن أجهل القوم في شيخ الإسلام ابن تيمية الإمام لأنه ما تزوج!!
معللا ذلك بأنه رغوب عن السنة، ومستدلا بقوله صلى الله عليه وسلم: "من رغب عن سنتي فليس مني" هكذا يدعي هذا المغفل!!
وهو إذا يكتب هذه السفسطة تراه حليقًا معرضًا عن السنة الظاهرة، عاريًا عن الأخلاق الفاضلة، جامعًا في حسابه لتغريدات أهل الزندقة والفجور، مروجًا لنوع السجارة التي يدخنها وهو مسرور!!
فما أدري هل هذه الأعمال هي السنة عنده أم ماذا؟!
ومن جهالاته طعنه في العلماء بأنهم علماء حيض ونفاس، وأن أكثر فتاواهم في الطهارة والنجاسات!!
وهذه سنة (اخونجية) خبيثة مكشوفة من قديم، أُريد بها صرف الناس عن أئمة الهدى إلى أرباب الجهالة والهوى، فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم!!
فواعجبا ممن يعلن النكير والنفير على الإخوان المفلسين، ثم تجده يتكلم بكلامهم وينطق بمنطقهم فلا أدري هل أُعجب بهم؟!
أم هو مدسوس من قِبلِهم؟!
أم أنه أخرق تبعٌ لكل أحمق؟!
فهل يصلح من هذه حاله أن يسمى مغردًا للوطن؟!
والله إن وطننا أكرم من أن يكون مثل هذا مدافعا عنه!!
فالمدافع عن وطنه إنما الحامل له على ذلك دينه وعقيدته ووغيرته على وطنه لا أن يطعن في ثوابت الدين ومسلماته وأهله بحجة أنه ضد الإخوان المسلمين!!
بل وصل الجهل ببعض المغردين إلى القول بأن إعفاء اللحية وتقصير الثوب والسواك لا تدل على التدين!!
سبحان الله!!
إذا كان الإلتزام بالهدي الظاهر لا يعد تدينًا فما هو التدين إذا؟!
والله عز وجل لم يكلفنا بالحكم إلا على الظواهر أما البواطن فأمرها إلى الله...وكل إناء بما فيه ينضح!!
والله إن العقول لتقف متحيرة من صدور تلك التفاهات من بعض أبناء المسلمين ولكن إلى الله المشتكى حيث صار المعروف منكرًا والمنكر معروفًا!!

وأختم بنصيحة:
أيها المغرد للوطن لا يحملك بغضك للإخوان المفلسين وغيرهم من فرق أهل الضلال على أن تظلم وتنسب كل المستقيمين لفكرهم!!
فإن هذا يؤدي إلى الطعن في الدين وتشويه صورته ظلمًا كما فعل اللبرالية وأشياعهم من الصوفية وبقية أهل الزندقة فاحذر من هذا المسلك الخبيث ولا تبغِّض الناس في دينها!!
وقد لمسنا آثار هذا المسلك في بعض من يغرد للوطن من عدم التمييز بين أهل الحق والباطل فتراه يعادي أهل الاستقامة ويوالي أهل الكفر والزندقة ويقدمهم عليهم!!
وهذا خلل عقدي خطير لابد من التنبيه عليه، فإن من أصول عقيدة المسلم الولاء والبراء،
والولاء بمعنى المحبة والبراء بمعنى البغض،
فالولاء لكل مسلم على قدر من فيه من صلاح والبغض لكل كافر ولكل مسلم على قدر ما عنده من المعاصي،
فالمسلم يجتمع فيه ولاء وبراء ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: "...إِنَّ أوْثَق عُرَى الإيمانِ أنْ تُحِبَّ في اللهِ ، وتُبْغِضَ في اللهِ" [صحيح الترغيب ٣٠٣٠]
وأما الكافر فليس له إلا البراء كما قال تعالى: ﴿لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ[المجادلة: ٢٢].
ولا يلزم من بغض الكفار ظلمهم أو التعدي على حقوق المستأمنين منهم فإن ديننا الحنيف لا يقر الظلم مطلقًا، ولا يعرف الغدر ونقض العهود أبدًا؛ لذلك رتب أشد العقوبات على قتل المعاهدين فقال صلى الله عليه وسلم: "من قتل مُعاهَدًا لم يَرَحْ رائحةَ الجنَّةِ ، وإنَّ ريحَها توجدُ من مسيرةِ أربعين عامًا" [صحيح البخاري ٣١٦٦].
أسأل الله أن يصلح أحوال المغردين وأن يجعل تغريداتهم فيما يرضيه جل وعلا فإن الأمر جد خطير فقد قال صلى الله عليه وسلم: "...وإنَّ الرجُلَ لَيتكلمُ بِالكلمةِ من سَخَطِ اللهِ تَعالى ما يَظنُّ أنْ تبلُغَ ما بَلَغَتْ ؛ فيُكتُبُ اللهُ عليه بِها سَخَطَهُ إلى يَومِ القِيامَةِ" [صحيح الجامع ١٦١٩].
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين.
كتبه أخوكم/
حمد بن دلموج السويدي
17 / ربيع الأول / 1435 هـ
18 /   يناير   / 2014 م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق